كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والحمل ما يحمله الحامل من الاثقال وقد ذكر الراغب ان الاثقال المحمولة في الظاهر كالشئ المحمول على الظهر تختص باسم الحمل بكسر الحاء والاثقال المحمولة في الباطن كالولد في البطن والماء في السحاب والثمرة في الشجرة تختص باسم الحمل بفتح الحاء.
وقال في المجمع الزعيم والكفيل والضمين نظائر والزعيم أيضا القائم بامر القوم وهو الرئيس.
ولعل القائل نفقد صواع الملك هو فتيان يوسف والقائل ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم يوسف عليه السلام نفسه لأنه هو الرئيس الذي يقوم بامر الا عطاء والمنع والضمانة والكفالة والحكم ويعود معنى الكلام على هذا إلى نحو من قولنا اجاب عنهم يوسف وفتيانه اما فتيانه فقالوا نفقد صواع الملك واما يوسف فقال: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} وهذه جعالة.
وظاهر بعض المفسرين ان قوله ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم تتمة قول المؤذن ايتها العير انكم لسارقون وعلى هذا فقوله قالوا واقبلوا عليهم إلى قوله صواع الملك معترض قوله تعالى: {قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين} المراد بالارض ارض مصر وهى التي جاؤها ومعنى الآية ظاهر.
وفى قولهم: {لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض} دلالة على انهم فتشوا وحقق في امرهم اول ما دخلوا مصر للميرة بامر يوسف عليه السلام بدعوى الخوف من ان يكونوا جواسيس وعيونا أو نازلين بها لاغراض فاسدة أخرى فسئلوا عن شانهم ومحلهم ونسبهم وامثال ذلك وبه يتأيد ما ورد في بعض الروايات ان يوسف اظهر لهم انه في ريب من امرهم فسألهم عن شأنهم ومكانهم واهلهم وعند ذلك ذكروا ان لهم ابا شائخا واخا من ابيهم فأمر باتيانهم به وسياتى في البحث الروائي التالى ان شاء الله تعالى.
وقولهم وما كنا سارقين نفى ان يكونوا متصفين بهذه الصفة الرذيلة من قبل أو يعهد منهم اهل البيت ذلك.
قوله تعالى: {قالوا فما جزاؤه ان كنتم كاذبين} أي قال فتيان يوسف أو هو وفتيانه سائلين منهم عن الجزاء ما جزاء السرق أو ما جزاء الذي سرق منكم ان كنتم كاذبين في انكاركم.
والكلام في قولهم ان كنتم كاذبين في نسبة الكذب إليهم يقرب من الكلام في قولهم انكم لسارقون وقد تقدم.
قوله تعالى: {قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزى الظالمين} مرادهم ان جزاء السرق نفس السارق أو جزاء السارق نفسه بمعنى ان من سرق ما لا يصير عبدا لمن سرق ما له وهكذا كان حكمه في سنة يعقوب عليه السلام كما يدل عليه قولهم: {كذلك نجزى الظالمين} أي هؤلاء الظالمين وهم السراق لكنهم عدلوا عنه إلى قولهم: {جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه} للدلالة على ان السرقة انما يجازى بها نفس السارق لا رفقته وصحبه وهم احد عشر نسمة لا ينبغى ان يؤاخذ منهم لو تحققت السرقة الا السارق بعينه من غير ان يتعدى إلى نفوس الاخرين ورحالهم ثم للمسروق منه ان يملك السارق نفسه يفعل به ما يشاء.
قوله تعالى: {فبدأ باوعيتهم قبل وعاء اخيه ثم استخرجها من وعاء اخيه} فيه تفريع على ما تقدم أي اخذ بالتفتيش والفحص بالبناء على ما ذكروه من الجزاء فبدأ بأوعيتهم وظروفهم قبل وعاء اخيه للتعمية عليهم حذرا من ان يتنبهوا ويتفطنوا انه هو الذي وضعها في رحل اخيه ثم استخرجها من وعاء اخيه وعند ذلك استقر الجزاء عليه لكونها في رحله.
قوله تعالى: {كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله} إلى آخر الآية الإشارة إلى ما جرى من الأمر في طريق اخذ يوسف عليه السلام اخاه لامه من عصبة اخوته وقد كان كيدا لأنه يوصل إلى ما يطلبه منهم من غير ان يعلموا ويتفطنوا به ولو علموا لما رضوا به ولا مكنوه منه وهذا هو الكيد غير انه كان بإلهام من الله سبحانه أو وحى منه إليه علمه به طريق التوصل إلى اخذ اخيه ولذلك نسب الله سبحانه ذلك إلى نفسه مع توصيفه بالكيد فقال كذلك كدنا ليوسف.
وليس كل كيد بمنفى عنه تعالى وانما تتنزه ساحة قدسه عن الكيد الذي هو ظلم ونظيره المكر والاضلال والاستدراج وغيرها.
وقوله: {ما كان لياخذ اخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله} بيان للسبب الداعي إلى الكيد وهو انه كان يريد ان ياخذ اخاه إليه ولم يكن في دين الملك أي سنته الجارية في ارض مصر طريق يؤدى إلى اخذه ولا ان السرقة حكمها استعباد السارق ولذلك كادهم يوسف بامر من الله بجعل السقاية في رحله ثم اعلام انهم سارقون حتى ينكروه فيسألهم عن جزائه ان كانوا كاذبين فيخبروا ان جزاء السرق عندهم اخذ السارق واستعباده فيأخذهم بما رضوا به لانفسهم.
وعلى هذا فلم يكن له ان ياخذ اخاه في دين الملك الا في حال يشاء الله ذلك وهو هذا الحال الذي رضوا فيه ان يجازوا بما رضوا به لانفسهم.
ومن هنا يظهر ان الاستثناء يفيد انه كان من دين الملك ان يؤخذ المجرم بما يرضاه لنفسه من الجزاء وهو اشق وكان ذلك متداولا في كثير من السنن القومية وسياسات الملوك.
وقوله: {نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذى علم عليم} امتنان على يوسف عليه السلام بما رفعه الله على اخوته وبيان لقوله كذلك كدنا ليوسف وكان امتنانا عليه.
وفى قوله وفوق كل ذى علم عليم بيان ان العلم من الأمور التي لا يقف على حد ينتهى إليه بل كل ذى علم يمكن ان يفرض من هو اعلم منه.
وينبغى ان يعلم ان ظاهر قوله ذى علم هو العلم الطارئ على العالم الزائد على ذاته لما في لفظه ذى من الدلالة على المصاحبة والمقارنة فالله سبحانه وعلمه الذي هو صفة ذاته عين ذاته وهو تعالى علم غير محدود كما ان وجوده احدى غير محدود خارج بذاته عن اطلاق الكلام.
على ان الجملة وفوق كل ذى علم عليم انما تصدق فيما امكن هناك فرض فوق والله سبحانه لا فوق له ولا تحت له ولا وراء لوجوده ولا حد لذاته ولا نهاية.
ولا يبعد ان يكون قوله: {وفوق كل ذى علم عليم} اشارة إلى كونه تعالى فوق كل ذى علم بان يكون المراد بعليم هو الله سبحانه اورد في هيئة النكرة صونا للسان عن تعريفه للتعظيم.
قوله تعالى: {قالوا ان يسرق فقد سرق اخ له من قبل} إلى آخر الآية القائلون هم اخوة يوسف عليه السلام لأبيه ولذلك نسبوا يوسف إلى اخيهم المتهم بالسرقة لانهما كانا من ام واحدة والمعنى انهم قالوا ان يسرق هذا صواع الملك فليس ببعيد منه لأنه كان له اخ وقد تحققت السرقة منه من قبل فهما يتوارثان ذلك من ناحية امهما ونحن مفارقوهما في الام.
وفى هذا نوع تبرئة لانفسهم من السرقة لكنه لا يخلو من تكذيب لما قالوه آنفا: {وما كنا سارقين} لانهم كانوا ينفون به السرقة عن ابناء يعقوب جميعا والا لم يكن ينفعهم البتة فقولهم فقد سرق اخ له من قبل يناقضه وهو ظاهر على انهم اظهروا بهذه الكلمة ما في نفوسهم من الحسد ليوسف واخيه ولعلهم لم يشعروا به وهذا يكشف عن امور مؤسفة كثيرة فيما بينهم.
وبهذا يتضح بعض الاتضاح معنى قول يوسف انتم شر مكانا كما ان الظاهر ان قوله انتم شر مكانا إلى آخر الآية كالبيان لقوله: {فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم} وكما ان قوله ولم يبدها لهم عطف تفسير لقوله فأسرها يوسف في نفسه.
والمعنى والله اعلم فأسرها أي اخفى هذه الكلمة التي قالوها أي لم يتعرض لما نسبوا إليه من السرقة ولم ينفه ولم يبين حقيقة الحال بل اسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم وكان هناك قائلا يقول كيف اسرها في نفسه فاجيب انه قال انتم شر مكانا واسوء حالا لما في اقوالكم من التناقض وفى نفوسكم من غريزة الحسد الظاهرة واجترائكم على الكذب في حضرة العزيز بعد هذا الاكرام والاحسان كله والله اعلم بما تصفون انه قد سرق اخ له من قبل فلم يكذبهم في وصفهم ولم ينفه.
وذكر بعض المفسرين ان معنى قوله انتم شر مكانا الخ انكم اسوء حالا منه لانكم سرقتم اخاكم من ابيكم والله اعلم أسرق اخ له من قبل ام لا.
وفيه ان من الجائز ان يكون هذا المعنى بعض ما قصده يوسف بقوله انتم شر مكانا لكن الكلام فيما تلقاه اخوته من قوله هذا والظرف هذا الظرف هم ينكرون يوسف عليه السلام وهو لا يريد ان يعرفهم نفسه ولا ينطبق قوله في مثل هذا الظرف الا بما تقدم.
وربما ذكر بعضهم ان التي اسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم هي كلمته انتم شر مكانا فلم يخاطبهم بها ثم جهر بقوله: {والله اعلم بما تصفون} وهذا بعيد غير مستفاد من السياق.
قوله تعالى: {قالوا يا ايها العزيز ان له ابا شيخا كبيرا فخذ احدنا مكانه انا نراك من المحسنين} سياق الآيات يدل على انهم انما قالوا هذا القول لما شاهدوا انه استحق الاخذ والاستعباد وذكروا انهم اعطوا اباهم موثقا من الله ان يرجعوه إليه فلم يكن في مقدرتهم ان يرجعوا إلى ابيهم ولا يكون معهم فعند ذلك عزموا ان يفدوه بواحد منهم ان قبل العزيز وكلموا العزيز في ذلك ان ياخذ أي من شاء منهم ويخلى عن سبيل اخيهم المتهم ليرجعوه إلى ابيه.
ومعنى الآية ظاهر وفي اللفظ ترقيق واسترحام واثارة لصفة الفتوة والاحسان من العزيز.
قوله تعالى: {قال معاذ الله ان ناخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا إذا لظالمون} رد منه عليه السلام لسؤالهم ان ياخذ احدهم مكانه ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى: {فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا} إلى آخر الآية قال في المجمع اليأس قطع الطمع من الأمر يقال يئس يياس وايس يأيس لغة واستفعل مثل استيأس واستأيس قال ويئس واستيأس بمعنى مثل سخر واستسخر وعجب واستعجب.
والنجى القوم يتناجون الواحد والجمع فيه سواء قال سبحانه: {وقربناه نجيا} وانما جاز ذلك لأنه مصدر وصف به والمناجاة المسارة واصله من النجوة هو المرتفع من الأرض فانه رفع السر من كل واحد إلى صاحبه في خفية والنجوى يكون اسما ومصدرا قال سبحانه: {واذ هم نجوى} أي يتناجون وقال في المصدر انما النجوى من الشيطان وجمع النجى انجية قال وبرح الرجل براحا إذا تنحى عن موضعه انتهى.
والضمير في قوله: {فلما استيأسوا منه} ليوسف ويمكن ان يكون لاخيه والمعنى فلما استيأسوا أي اخوة يوسف منه أي من يوسف ان يخلى عن سبيل اخيه ولو بأخذ احدهم بد لا منه خلصوا وخرجوا من بين الناس إلى فراغ نجيا يتناجون في امرهم أيرجعون إلى ابيهم وقد اخذ منهم موثقا من الله ان يعيدوا اخاهم إليه ام يقيمون هناك ولا فائدة في اقامتهم؟ ماذا يصنعون؟ قال كبيرهم مخاطبا لسائرهم: {ألم تعلموا ان اباكم قد اخذ عليكم موثقا من الله} الا ترجعوا من سفركم هذا إليه الا باخيكم ومن قبل هذه الواقعة ما فرطتم أي تفريطكم وتقصيركم في أمر يوسف عهدتم اباكم ان تحفظوه وتردوه إليه سالما فألقيتموه في الجب ثم بعتموه من السيارة ثم اخبرتم اباكم انه اكله الذئب.
{فلن ابرح الأرض} أي فإذا كان الشأن هذا الشان لن اتنحى ولن افارق ارض مصر حتى يأذن لى أبى برفعه اليد عن الموثق الذي واثقته به {أو يحكم الله لى وهو خير الحاكمين} فيجعل لى طريقا إلى النجاة من هذه المضيقة التي سدت لى كل باب وذلك اما بخلاص اخى من يد العزيز من طريق لا احتسبه أو بموتى أو بغير ذلك من سبيل!! اما انا فأختار البقاء هاهنا واما انتم فارجعوا إلى ابيكم إلى آخر ما ذكر في الآيتين التاليتين.
قوله تعالى: {ارجعوا إلى ابيكم وقولوا يا ابانا ان ابنك سرق وما شهدنا الا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين} قيل المراد بقوله: {وما شهدنا الا بما علمنا} انا لم نشهد في شهادتنا هذه ان ابنك سرق الا بما علمنا من سرقته وقيل المراد ما شهدنا عند العزيز ان السارق يؤخذ بسرقته ويسترق الا بما علمنا من حكم المسالة قيل وانما قالوا ذلك حين قال لهم يعقوب ما يدرى الرجل ان السارق يؤخذ بسرقته ويسترق؟ وانما علم ذلك بقولكم واقرب المعنيين إلى السياق أو لهما.
وقوله: {وما كنا للغيب حافظين} قيل أي لم نكن نعلم ان ابنك سيسرق فيؤخذ ويسترق وانما كنا نعتمد على ظاهر الحال ولو كنا نعلم ذلك لما بادرنا إلى تسفيره معنا ولا اقدمنا على الميثاق.
والحق ان المراد بالغيب كونه سارقا مع جهلهم بها ومعنى الآية ان ابنك سرق وما شهدنا في جزاء السرقة الا بما علمنا وما كنا نعلم انه سرق السقاية وانه سيؤخذ بها حتى نكف عن تلك الشهادة فما كنا نظن به ذلك قوله تعالى: {واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي اقبلنا فيها وانا لصادقون} أي واسال جميع من صاحبنا في هذه السفرة أو شاهد جريان حالنا عند العزيز حتى لا يبقى لك ادنى ريب في انا لم نفرط في امره بل انه سرق فاسترق.
فالمراد بالقرية التي كانوا فيها بلدة مصر على الظاهر وبالعير التي اقبلوا فيها القافلة التي كانوا فيها وكان رجالها يصاحبونهم في الخروج إلى مصر والرجوع منها ثم اقبلوا مصاحبين لهم ولذلك عقبوا عرض السؤال بقولهم وانا لصادقون أي فيما نخبرك من سرقته واسترقاقه لذلك ونكلفك السؤال لازالة الريب من نفسك {قال بل سولت لكم أنفسكم امرا فصبر جميل عسى الله أن يأ تيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم}
(بيان) الآيات تتضمن محاورة يعقوب بنيه بعد رجوعهم ثانيا من مصر واخبارهم اياه خبر اخى يوسف وامره برجوعهم ثالثا إلى مصر وتحسسهم من يوسف واخيه إلى ان عرفهم يوسف عليه السلام نفسه.
قوله تعالى: {قال بل سولت لكم انفسكم امرا فصبر جميل عسى الله ان يأتيني بهم جميعا انه هو العليم الحكيم} في المقام حذف كثير يدل عليه قوله ارجعوا إلى ابيكم فقولوا إلى آخر الآيتين والتقدير ولما رجعوا إلى ابيهم وقالوا ما وصاهم به كبيرهم قال ابوهم بل سولت لكم انفسكم امرا إلخ.
وقوله: {قال بل سولت لكم انفسكم امرا} حكاية ما اجابهم به يعقوب عليه السلام ولم يقل عليه السلام هذا القول تكذيبا لهم فيما اخبروه به وحاشاه ان يكذب خبرا يحتف بقرائن الصدق وتصاحبه شواهد يمكن اختباره بها ولا رماهم بقوله بل سولت لكم انفسكم أمر ارميا بالمظنة بل ليس الا انه وجد بفراسة الهية ان هذه الواقعة ترتبط وتتفرع على تسويل نفساني منهم اجمالا وكذلك كان الأمر فان الواقعة من اذناب واقعة يوسف وكانت واقعته من تسويل نفساني منهم.
ومن هنا يظهر انه عليه السلام لم ينسب إلى تسويل انفسهم عدم رجوع اخى يوسف فحسب بل عدم رجوعه وعدم رجوع كبيرهم الذي توقف بمصر ولم يرجع إليه ويشهد لذلك قوله: {عسى الله ان يأتيني بهم جميعا} فجمع في ذلك بين يوسف واخيه وكبير الاخوة فلم يذكر اخا يوسف وحده ولا يوسف واخاه معا فظاهر السياق ان ترجيه رجوع بنيه الثلاثة مبنى على صبره الجميل قبال ما سولت لهم انفسهم امرا.
فالمعنى والله اعلم ان هذه الواقعة مما سولت لكم انفسكم كما قلت ذلك في واقعة يوسف فصبر جميل قبال تسويل انفسكم عسى الله ان ياتيني بابنائى الثلاثة جميعا.
ومن هنا يظهر ان قولهم ان المعنى ما عندي ان الأمر على ما تصفونه بل سولت لكم انفسكم امرا فيما اظن ليس في محله.
وقوله: {عسى الله ان يأتيني بهم جميعا انه هو العليم الحكيم} ترج مجرد لرجوعهم جميعا مع ما فيه من الإشارة إلى ان يوسف حى لم يمت على ما يراه وليس مشربا معنى الدعاء ولو كان في معنى الدعاء لم يختمه بقوله انه هو العليم الحكيم بل بمثل قولنا انه هو السميع العليم أو الرؤف الرحيم أو ما يناظرهما كما هو المعهود في الادعية المنقولة في القرآن الكريم.